فطريات الفم عند الرضع: الأسباب، الأعراض، والعلاج

تعد فطريات الفم عند الرضع من المشكلات الصحية الشائعة التي تؤثر على صحة الأطفال في مرحلة مبكرة من حياتهم. تُعرف هذه الفطريات طبياً باسم “القلاع الفموي” أو “داء المبيضات الفموي”، وهي عدوى فطرية تسببها فطريات من نوع المبيضات البيضاء (Candida albicans)، والتي تتواجد عادة في الجسم بصورة طبيعية دون أن تسبب ضرراً، ولكن في بعض الظروف قد تنمو وتتكاثر بشكل مفرط مسببّة الالتهابات.

طبيعة فطريات الفم عند الرضع

تتمثل فطريات الفم عند الرضع في ظهور بقع بيضاء على اللسان، داخل الخدين، سقف الفم، أو اللثة. هذه الفطريات ليست فقط مزعجة للطفل، بل قد تؤدي إلى صعوبة في الرضاعة وشعور بعدم الراحة. تختلف هذه الحالة عن الحليب المتبقي في الفم، إذ أن الفطريات لا يمكن إزالتها بسهولة وتنزف عند محاولة كشطها.

أسباب الإصابة بفطريات الفم عند الرضع

تنمو فطريات المبيضات عادة في ظروف معينة تساهم في تكاثرها، ومن الأسباب الأكثر شيوعًا لظهور فطريات الفم عند الرضع:

1. عدم توازن البكتيريا الطبيعية في الفم:
   
   الرضع يمتلكون مناعة ضعيفة نسبياً، مما يسهل على الفطريات التكاثر عندما تقل البكتيريا النافعة التي تمنع نموها.

2. استخدام المضادات الحيوية:
   
   قد تؤدي المضادات الحيوية التي تعطى للرضع أو للأم المرضعة إلى القضاء على البكتيريا المفيدة في الفم، مما يتيح للفطريات فرصة للانتشار.

3. نقل العدوى من الأم:
   
   في بعض الحالات، يمكن أن تنتقل الفطريات من قناة الولادة إلى الطفل أو من حلمة الأم المصابة أثناء الرضاعة.

4. ضعف المناعة:
   
   الرضع الذين يعانون من مشاكل مناعية، سواء بسبب مرض أو ولادة مبكرة، أكثر عرضة للإصابة بفطريات الفم.

5. جفاف الفم أو التهيج:
   
   بعض الظروف التي تؤدي إلى جفاف الفم أو إصابة بطانة الفم قد تسهل نمو الفطريات.

أعراض فطريات الفم عند الرضع

تظهر الأعراض غالباً خلال أيام أو أسابيع بعد الولادة، وتتفاوت في شدتها حسب الحالة، ومن أبرزها:

• ظهور بقع بيضاء أو صفراء على اللسان، اللثة، وجوانب الخدين من الداخل.

• صعوبة في الرضاعة، حيث يرفض الطفل المأكولات أو يصرخ أثناء الرضاعة بسبب الألم.

• احمرار وتهيج في فم الطفل.

• في بعض الحالات، قد تظهر تقرحات صغيرة داخل الفم.

• تقطع ونقص في وزن الطفل نتيجة لصعوبة الأكل.

• قلة النوم والعصبية المستمرة بسبب الألم وعدم الراحة.

التشخيص الطبي لفطريات الفم عند الرضع

يعتمد التشخيص على الفحص السريري الدقيق لفم الطفل من قبل الطبيب المختص. يتم ملاحظة البقع البيضاء التي يصعب إزالتها ويصحبها احمرار في المناطق المحيطة. في حالات نادرة أو الشك، قد يقوم الطبيب بأخذ مسحة من الفم لإجراء فحوصات مختبرية لتحديد نوع الفطريات بدقة.

مضاعفات فطريات الفم عند الرضع

إذا لم تُعالج فطريات الفم بشكل مناسب، فقد تؤدي إلى:

• انتشار العدوى إلى أجزاء أخرى من الجهاز الهضمي مثل المريء، مما يسبب التهابات أكثر خطورة.

• صعوبة مستمرة في الرضاعة تؤدي إلى سوء تغذية ونقص وزن.

• قد تؤثر على الحالة المزاجية والنوم عند الطفل بسبب الألم وعدم الراحة.

• في حالات نقص المناعة، قد تتطور العدوى بشكل أكبر وتؤدي لمضاعفات صحية خطيرة.

طرق علاج فطريات الفم عند الرضع

العلاج يعتمد بشكل رئيسي على القضاء على الفطريات وتحسين حالة الفم لمنع انتشار العدوى، ويتم ذلك من خلال عدة خطوات متكاملة:

1. العلاج الدوائي

• مضادات الفطريات الموضعية:
  
  يستخدم الطبيب عادة محاليل أو جيل مضاد للفطريات مثل “نيستاتين” (Nystatin) أو “ميكونازول” (Miconazole) توضع مباشرة على بقع الفطريات في الفم. هذا العلاج فعال ويساعد على تقليل العدوى بسرعة.

• مضادات الفطريات الفموية:
  
  في الحالات الشديدة أو المتكررة، قد يصف الطبيب مضادات فطريات تؤخذ عن طريق الفم بجرعات محددة تحت إشراف طبي دقيق.

2. العناية بنظافة الفم

• تنظيف فم الطفل بلطف باستخدام قطعة قماش ناعمة مبللة بالماء الدافئ بعد كل رضعة.

• تعقيم أو استبدال اللهايات والزجاجات والرضاعات بانتظام لمنع إعادة العدوى.

3. العناية بحلمات الأم

• في حال كانت الأم ترضع طبيعياً وظهرت عليها علامات الفطريات (احمرار أو تقرحات على الحلمة)، يجب علاجها لتجنب انتقال العدوى مجدداً إلى الطفل.

نصائح وقائية للحد من فطريات الفم عند الرضع

يمكن التقليل من احتمالية الإصابة بفطريات الفم من خلال اتباع عدة إجراءات وقائية:

• التأكد من نظافة أدوات الرضاعة والحلمات باستمرار.

• الاهتمام بنظافة فم الطفل بعد الرضاعة خصوصاً عند استخدام الحليب الاصطناعي أو المكملات.

• تجنب استخدام المضادات الحيوية دون ضرورة طبية وفي حال استخدامها، استشارة الطبيب حول الوقاية من الفطريات.

• متابعة صحة الأم أثناء الرضاعة وعلاج أي التهابات فطرية في الحلمة بشكل فوري.

• تعزيز مناعة الرضيع عبر التغذية الصحية والرضاعة الطبيعية المستمرة.

الفرق بين فطريات الفم وأمراض أخرى

غالباً ما يُخلط بين فطريات الفم وبعض الحالات الأخرى مثل بقايا الحليب في الفم أو الالتهابات البكتيرية، لكن الفرق الأساسي يكمن في صعوبة إزالة الفطريات حيث لا يمكن كشطها بسهولة، بالإضافة إلى الأعراض المصاحبة مثل الألم والاحمرار.

تأثير فطريات الفم على نمو الطفل وتطوره

عدم معالجة فطريات الفم عند الرضع قد يؤثر سلباً على نمو الطفل البدني والعقلي، حيث يؤدي الألم وعدم الراحة إلى تقليل الرضاعة التي هي المصدر الأساسي لتغذية الطفل ونموه. نقص الرضاعة قد يسبب تأخر في زيادة الوزن وتطور الجهاز المناعي، بالإضافة إلى تأثر التفاعل الاجتماعي والنفسي نتيجة الانزعاج المستمر.

الجدول التالي يوضح الفرق بين فطريات الفم والحليب المتبقي

المصادر والمراجع

• Mayo Clinic, “Oral thrush in infants,” 2023.

• American Academy of Pediatrics, “Guidelines on Candida Infections,” 2022.

تعتبر فطريات الفم من الحالات التي يمكن السيطرة عليها وعلاجها بشكل فعال إذا تم التشخيص المبكر والعناية الجيدة. الالتزام بالعلاج والإجراءات الوقائية يساعدان في حماية صحة الرضيع ومنع المضاعفات التي قد تؤثر على نموه وسلامته العامة.